الجمعة، 19 يناير 2018

عن مسار دماء و الطائين إلى سد وادي ضيقة بولاية قريات أدون

في يوم 19 يناير 2018 م كان التحدي 

" قوة الحياة زاخرة طافره غامرة" (سيد قطب، بتصرف)
البداية كانت فكرة، مسار للعام الجديد في دما والطائيين، الاقتراحات توالت من منظم المسير إلى أن تم الاتفاق النهائي على اختيار طريق يجمع بين التحدي والمغامرة والجمال، طريق درسه المنظم وحدد مساره وعرضه ليكون في القائمة ويتم الإعداد والتنسيق له، تم اختيار الطريق بعد المقارنة بينه وبين عدة طرق في المنطقة وتم ترسيه الخيار على التحدي الأقل خشونة و الأيسر ، المسار الجديد الفريد المختلف الطعم الممتزج بكثير من الجلادة والصبر والجمال و الذي تحيطه الجبال و المياه في منطقة تبهرنا دوم بجمالها و رحابه أهلها و من الجبل الأبيض كانت البداية.

" تنمو قوة الروح بتناسب مع إخضاعك للجسد" (غاندي، بتصرف)
تم الاستعداد والتجهز للطريق وبخطة تناسب جل المشاركين، جهد جهيد بذل من المنظمين لإنجاح المسير، رسم المسار بعد إقراره وحسبت المسافة التقديرية للمسار بما يقارب 12 كيلو متر، طبعت الخرائط وكتبت الخطة وحدد الموعد وفتح باب التسجيل لعموم الأشخاص. الأسماء تتوالى، شيئا فشيء وصلت القائمة لمنتصف الأربعينات وهو رقم لم يحقق مسبقا، علامات استفهام عديدة ارتسمت على وجوه المنظمين ولكنهم آثروا إلا أن يكملوا المسير وأن ينظم كل الراغبين للمسير.

الأربعينات رقم لم نصل إليه في مجمل المسارات السابقة، على خجل كنا في منتصف العشرينات، تحدى المنظمون أنفسهم وقبلوا الرهان بهذا الرقم الكبير، شجعوا بعضهم البعض وهمسوا همسا وكل الجهود كانت تشجيعا وتعزيزا للمشاركين، تم حساب جميع التفاصيل صغيرها وكبيرها وجاء يوم التحدي، اليوم الموعود.

" من نهكني علمني" (مثل عربي)
البداية لجل الفريق كانت من مسقط (باستثناء قبل تقدموا قبل المسير بيوم للموقع)، قبل صلاة الفجر تجمع المشاركون في المكان الموعود مسخرين كل سبل الظروف والوقت لهدفهم، انطلقت الحافلة من مسقط للموقع، توقفت سريعا للصلاة وللاستعداد للمسير، وصل الفريق في السابعة لنقطة التجمع في دماء والطائيين وأخذ وجبة الإفطار وحمل كل ما استطاع من طعام للطريق وانطلق الفريق بسيارات دفع رباعي لنقطة البداية.

" إن خفت شيئا فقع فيه"
حانت ساعة الصفر. هنا عن المشي لا مفر. تم توجيه تعليمات البداية لكل المشاركين وإبلاغهم عن المتوقع في المسير وتأكيدا على جاهزية الكل واستعداده للمسير بالإضافة للتعريف بقائد المسير ومن شاركونا المسير من أهل البلاد وتعليمات مهمة للمشاركين وطلب من الكل الالتزام حرفيا بالكلمات وهذا ما لم يكن لاحقا.
طريق سهل في البداية تلحقه صخور متحركة لاحقا، إرهاق شديد للبعض ولكن الكل أصر على تحقيق الهدف وتفجرت قوى المشاركين كتفجر المياه على السد وتغلبوا على إنهاك الجسد والتحدي، ثقتهم عالية بأنفسهم يمشون مشيئا وراء القائد وفق ما يرونه مناسبا أحيانا وما يقودهم عليه أحمد أحيانا أخرى. وحدت كل القوى لدفع المسير من الخلف للأمام والوصول للقمة المطلة على سد وادي ضيقة وبعدها للسد وهذا ما كان. تجاوز البعض للتعليمات، هذا يخلق طريق وذاك يتبعه وآخر متأخر وآخر يصور ولكن في النهاية وصل الجميع للسد وحل الظلام.

الجبال تصنع الرجال
حل الظلام وبدأت الحلقة الأصعب من الرحلة. ليلة ليست بقمرية وظلام الجبال صاحبه برد وحر وإرهاق مسير وتساقطت أوراق التوت.  لحظات اشتدت فيها الأعصاب، واحتارت فيها العقول، مسرحية بممثلين حقيقيين بأرض حقيقية ومشاعر حقيقية وجو غلبه الغضب والحيرة والتعب والتشتت، ما الحل وكيف ستمضي الأمور، أين سنكون وماذا سنفعل؟ كل يقترح ويرشح. أنقسم الفريق لقسمين لا ثالث لهما، قسم لازم الزملاء المرهقين وأنتظر وقسم أكمل المسير. في النهاية الكل وصل لنقطة النهاية معافى وبصحة وسلامة وكان هذا أعظم إنجاز للمنظمين.  الكل كان عظيما في المسار بلا استثناء وأول العظماء قائدين المسير وأهل البلاد، أشخاص عالين الخلق وكإنو مع الفريق للنهاية.

عبرة
التواضع عظمة. لا شيء سوى التراب، نحن منه وإليه. من نحن في مواجهة المجهول؟ بشر، نخطئ ونصيب، وعن الطريق لا مفر. هل الهروب مفر؟ نتحدى أنفسنا ونسعى للظفر. نصيب ونخطئ ونسير في الممر. تتجلى لنا الحياة في لحظات نعتقد أنها نهاية وهي بداية، تمر كالشريط على أعيننا، نرى كل المشاعر في لحظات مختلطة بين الغضب والحنق واللوم والتفاؤل، بين من يصنع قرار ومن يعارض قرار ومن يهول ومن يحول ومن يطلب استغاثة. اختلطت كل الأصوات فجأة وحينها العاقل استمع لصوته. 

صور للتحدي

https://www.instagram.com/p/Bfcf0POnZv5/?taken-by=malikaljabri 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.