الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

ضمائر للبيع " بورصة بيع الضمائر "




في زيارتى لأحد المعارض التجارية في البلد طلبت موظفة الإستقبال منى بطاقة الأعمال " Bussines Card " ، و لكن بما أنى كنت قادم للإطلاع و متنهجل كالعادة لم أضع في عين الإعتبار أن آخذ معى أي بطائق ، حاولت أن أقنعها بأن أدخل بدون بطاقة فما إقتنعت بتاتا ، ففتحت محفظتى و أخبرتها أنى سوف أعطيها بطاقة لشخص آخر ، فقالت لا يهم إن كنت ستبيع ضميرك فهذا يعود عليك و أنت حر بنفسك و بعت الضمير " إن كان هذا بيع رابح " و ولجت للمعرض .


عند العرب الضمائر منصوبة و مجرورة و مضمومة ، أستغرب لماذا لا يوجد ضمائر منصوب عليها و ضمائر مجرورة للنصب و ضمائر كسرها النصب كسير و فتحها على عوالم تتشكل بكل التشكيلات اللغوية ، لو وضعت ضميرى الذي الذي بعته أعلاه سيكون ضمير للمتكلم أو ضمير للمخاطب أم للغائب ؟ لا أعلم فأنا ضعيف في القواعد العربية ! نعم مع أنى عربى و لكننى ضعيف في القواعد العربية و أعترف في هذا ! ربما لأن مدرسى الذي أعطاني دروس النحو في المدرسة لم يكن مجتهدا بما فيه الكفاية ليوصل المعلومة لي مع أني كنت جيدا في التعبير و الكتابة ! لا أدري أو ربما لأنى لم أبذل المجهود الكافي أو ربما ... أو ربما ! لا أحتاج لتبرير إخفاقي بل أحتاج لتعلم قواعد النحو.


إن جئت لضميرى الذي بعته ببطاقة أعمال فأنا أعتقد أنه ضمير للمتكلم منصوب على صاحبه لدخول معرض تجارى مرفوع بكل شئ لم يجده في المعرض مفتوح بالباب الذي ولجت منه للمعرض مجرور للباب الذي خرجت منه مرة أخرى خارج المعرض ، هذا هو إعراب ضميري المبيوع .


بالطبع فإن الإعراب أعلاه للعرب القدامى الذين كانو يهتمون ببنية التركيبة الجملية ليتفاخرون بها أمام غيرهم و يدخلونها في بيت شعرى جميل يتغزلون به بحبيبتهم التى يهوون و التى لن يتزوجوها ! سوف يأتى عربي آخر و يعشق الشعر أكثر من المرأة و لكنه سيتزوج المرأة حسدا للعاشق و ربما لكي يجعله ينتج شعر جميل نقراءه إلى الآن في دواووينهم الشعرية و نتغزل به ببعضنا البعض لأننا لم نستطيع أن نتعلم العربية مثلهم !

عرب هذه الأيام سواء العاربيين منهم أم المستعربين أم الذين يعدون على العربية ممن ولجوها و لم يخرجو منهم لم يعودو يهتمو بالشعر فهو لن يأتى بالنقود لجيوبهم ، لذا إختلفت طرائق بيعهم للضمائر بحيث أن هذا البيع يعود بالنفع المباشر على الجيب حتى أنهم بدئو بإعداد قاموس عربي جديد للمصطلحات العربية التى أدخلوها في قاموس الضمير كــ : كوميشن أو عمولة أو هدية أو نسبة مئوية يتعاقدون عليها مسبقا أو حلاوة أو بخشيش ( إذا ما بخششتنى تراني ما ببخشش معاملتك ، برميها لين ما تتخبش و تصحى من غفوتك الغبية و تبخششنى ) ، حتى أشكره يقولون لك و العين ترى : في بخشيش ولى ما فيه بخشيش ، بخشش تمشي ما تبخشش ما تمشى ! صار البخشيش عرف متعارف عليه و المهتمون بشؤن اللغة العربية يأدلجون هذا المصطلح أيما أدلجة و أن يجدون له مدخل في قواميس شعوبهم !


هم يحاولون أن يدخلون هذا المصطلح في قواميسهم و أعرافهم و ثقافتهم و المشكلة أنهم بدئو ينقلون عدوى بيع الضمائر لغيرهم و البيع عم على كبار السن و صغارهم ، المحتاج و الغير محتاج ! حقيقة و هذا الشئ زعلنى كثير لأنى مرة كنت في فندق و الجرسون كان يحاول أن يبتزنى بالبخششة و لكن كان عندى مناعة قبل بيع ضميرى و فالنهاية بعد محاولات عدة نجح و لكنى ما حصلت فكة فمخباي فما كان منى إلا أن أعطيته علكه !

أسعار الضمائر مختلفة جدا في السوق السوداء ، أصحابها لا يحبون مصطلح سوق سوداء لذا هم يبيعوها في سوق أسموها " بورصة بيع الضمائر المتحدة " ، هى بورصة غير معروفة للكثيرين فقط العملاء يعلمون عنها و السعر يكون على حسب المقابل و كل يقدر سعر لضميره ، سعر البيع يرتفع أحيانا ليصل أعلى المبالغ و أحيان أخرى يهبط لأدنى مستوى ، بالضبط مثل البورصة لذا هم كانو محقين بتسميته بورصة فهم أدرى بهذه البورصات ، قال لى أحد الأخوان أنه يريد أن ينشئ بورصة أخرى ليشترى بها الضمائر و يخرجها من سباتها العميق للطريق القويم و بدأ بتجميع الفريق لهذا العمل السليم و لكنه لم يجد البضاعة لأنه يريد لهم طريق سليم و هم لا يريدونه فخسر رأس ماله و أفلس !



أنصح الكل بالإحتفاظ بضمائرهم و أن يقيموها في مقامها القويم مسألة البيع و الشراء مسألة وقتية في النهاية دائما ما يختلف البائع و الشاري و مسألة بيع الضمائر فيها مخاطرة كبيرة بحيث أنها تترك أثرا على الصحة العامة للبائع و كذلك للشاري حيث تؤثر في جيبه المسلوب ، و حتى و إن أختلفت طرق بيع الضمائر و أختلفت مسمياتها و أختلفت طرقها فهى فانهاية معروفة ماذا تكون ، دعونا نحتفظ بضمائنا و لا نبيعها و كذلك عقولنا " لا لبيع الضمائر فليسقط الشاري و البائع " ، يسقطون يسقطون !


بعد خروجي من المعرض عدت لنفس المرأة و قلت لها : هل من الممكن أن أسترجع ضميرى الذي بعته لكي هنا ببطاقة أعمال فرفضت أن ترجع لى ضميرى و قالت الضمائر التى تباع هنا لا تسترجع فإجلس حائر بدون ضمير يا صاحب الضمير المبيوع حاولت مرارا أن أسترجعه فما كان منها إلا أن قالت " الضمائر المباعة لا ترد و لا تستبدل " ، فخرجت من هناك أبحث عن ضمير جديد ربما يتبرع لى أحدهم بضمير و أجرى عملية زرع لضمير !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.