الجمعة، 23 مارس 2012

أوهام إضطهادية

سحسوح هنا شاب في ثلاثينيات العمر ، تعلم تعليما جيدا و سافر خارج بلده هاربا من حرب حلت عليهم ، هاربا للعمل و للبحث عن حياة و أمل جديدين يعتاش عليهما ، هارب لبلد يهرب إليها كثيرون من مواطنين بلده ، أعزب لا زوجة له و لا صديق يؤنسه في سفر।



عمل في وظيفة هامشية جدا ليقتات ، هنا عامل نظافة و هناك يغسل السيارات و يقوم بأعمال كلها هامشية للميسورين الذين ينظرون إليه نظرة الشفقة و الرحمة و يطلقون عليه مُصطلحات بغيضة له تقلل من قيمته / يا هذا / أنت يا مسحسح - يا مهاجر - يا هذا .

سحسوح شخص محب للقراءة ، كم ساعدته الكتب التى يقرئها و آنسته و صبرته على الغربة من بلاده لبلد أخر ، عناوينه كانت مجهوله و لم يكن أحد يعلم: ماذا يقراء سحسوح المسحسح هذا ، كثيرا ما قام بتصرفات غريبة ، شتم شخص دون سبب و ضرب آخر ، الضحك في غير محل ضحك و البكاء المفاجئ ، إستغرب كثيرون من هذه التصرفات و في نفس الوقت زاد حقد سحسوح على المجتمع الخارجي شيئا فشئً، و في أغلب الأحيان كان منعزلا عن الكل .


إنتهت الحرب في بلد سحسوح ، فرح الكل ، إبتهجت النساء و إرتاح الأطفال ، هاجر الغُزاه و تركو البلد لأصحابها الذين أبلغو المُهاجرين بالعودة لأوطانهم مرة أخرى ( كفانا سفر ) ، الرزق هنا واسع بعد أن كان ضيقا من قبل ، تجهز المهاجرون و أعدو نفسهم للعودة مرة أخرى لبلدهم الذي تركوه في حالة مزرية ، البيوت مُكسرة و النساء ثكلى بأزواجها و الأطفال يُتم و لكن لا بد من العودة لإحياء البلد التى أراد بعض الناس هجرها ، رجع و لم يستلم أي حقوق جراء عمله و رفض أي راتب تقاعدى مُنح له .

رجع سحسوح لبلده بعد الهجرة بمجموعة كتب كثيرة ، يسكن هو جبل منعزل عن المدينة و أهله رعاه يستوطنون بيوت مصفحة في أعماق الجبال بعيدا عن البشر ، توحد في بيت مصفح لوحده و إنكب على قرائة الكتب " المجهولة العناويين " ، كان هناك عامل بالمنزل أخذ سحسوح يطلب منه طلبات عادية :

- كومار جيب شاى ... ما يقدر أرباب خبر سير إشترى سامان ( حاجيات ) .
- كومار يريد ريوق ( إفطار ) ... أرباب خبر أنا يحلب بقر .
- كومار سوى صفاى ( تنظيف ) غرفة مال أنا ... أرباب خبر شيل أكل مشان ( من أجل ) غنم .
- كومار .. كومار و كله كومار ما يقدر .

بدأ سحسوح يكره كومار " العامل البسيط" بعد أن كان هو مثله يوما ما و أراد أن يخطط للإنتقام من كومار هذا العاصي للكلام ( بعد أن كان هو مُطيعا ) ، أعتقد سحسوح أن كومار بالإضافة لكُل فئات المجتمع تكرهه و تنظر له نظرة دونية ، قام بإستعارة سلاح من صاحبه ، توجس و وضع خطة لنهاية كومار .

وضع الرصاصات في السلاح و خرج يبحث عن كومار الذي كان بالقرب من بركة ماء يسقى الزع ، خرج و أطلق عليه الرصاص لقتله ، جائت الرصاصة في رجله ، أخذ سياره أبيه القديمة و السلاح لا زال معه ، ذهب للمدينة ليعترف بجرمه للمسؤولين هناك ، كان موقعهم في وسط زحام المدن ، لم يجد موقفا فجن جنونه .

أنتم يا كلاب تأخذون كل المواقف عن غيركم ، من أنتم ؟ سأنتقم منكم كلكم ، أخذ السلاح و أطلق الرصاص في كل مكان بكل جنون على كل الأجانب العاملين ، قُتل هذا و جُرح ذاك و سقط مغشيا على ذاك ، سلم سحسوح نفسه و هو لا يزال يعتقد أن الكل حاقد عليه و يكرهه لذا عزلته بالسجن ستكون مريحة له !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.